روايه قلبي وعيناك والايام بقلم رحاب ابراهيم

موقع أيام نيوز


يصفعها على ذلك الأفصاح ...تعجبت الممرضة من نظراته وابتعدت خطوة بقلق ثم قالت ل ليلى سريعا _ الزيارات خلصت للأسف وممنوع البيات في المستشفى للزوار ... ابتعد وجيه عنهما وتوجه لمكتبه الخشبي ...سحب البالطو الأبيض من مشجب مخصص له بجانب المكتب حتى استمع لحديث الممرضة وتظاهر بعدم الاكتراث _ المسجد بتاع المستشفى برد أوي عليكي.. الدنيا بتمطر جامد والأغطية اللي هنا خاصة بالمرضى ....شكلك تعبتي من البيات فيه ليلة امبارح ! كان يرتدي معطفه الأبيض فتوقف عندما انتبه لهذه الجملة! لماذا تبيت ليلتها هنا ولمن يا ترى ! أين زوجها ! لم تسنح له الفرصة ليتابع اسئلته...كانت ليلى تتحدث مع نظرات جانبية خاطفة ومرتبكة ناحيته...وکرهت أن يعرف حاجتها وضعفها بهذه الظروف... ما كانت أبدا تلك الفتاة التي هي عليها الآن ... حملت أبنتها بحركة منفعلة وارتدت حذائها بعصبية ثم قالت بصوت غاضب به لمحة بكاء _ هبات في أي مكان ...مش مهم البرد ... خرجت من مكتبه في الحال ...وقف للحظة ينظر اتجاه الباب في ضغطة ساحقة على أسنانه...منذ ثانية واحدة كانت هنا..رأفت به الصدف بهذه الدقائق من لقاء انتظره سنوات! يا لسخائها ! ولسخريتها...! وخرجت من مبنى المشفى ومضت اتجاه المسجد ووجهها غارق بالدموع .... كان المسجد صغيرا ومكون من طابقين صغيرين...الأول خاص بالرجال ...والعلوي خاص بالنساء..فصعدت للطابق الثاني الذي ترتفع فيه البرودة نظرا لخلوا المكان سوى من السجاد الأخضر وارفف عليها عدة مصاحف... ولكن حمدت ربها على هذا المكان الذي رغم برودته يملأه الطمأنينة والسکينة... يقين بأن الله لا يترك العبد الذي ترتفع يديه للدعاء والنجدة....لبيك اللهم دخلت بهدوء ووضعت ابنتها النائمة بزاوية بعيدة عن المصلين وذهبت لتتوضأ. يلتف حوله ثلاثة أطباء بقسم العناية..كان منهما طبيب الماني يتحدث بلغة انجليزية طليقة .... جاهد وجيه ليخطف أطراف الحديث في شدة إرادته بالذهاب والبحث عنها... رؤيتها فقط...وجودها فقط أكثر من كافي.. انتهى الحديث بينهما ....مع الاتفاق على خطة علاجية لبعض المرضى ..وأتى وقت المرور على بعض مرضاه... سلمت ليلى عقب إنهاء صلاتها ...رفعت يديها بالدعاء والدموع ټغرق وجهها...انتبهت لها امرأة عجوز مسؤولة عن كل ما يخص المكان ...وانتبهت للطفلة الصغيرة النائمة التي يبدو عليها الرجفة من البرد...اقتربت العجوز اليها وأتت معها بغطائها الخاص ...ثم تمددت بجانب الطفلة وفردت الغطاء على اثنتيهما في صمت ... هدتها ليلى بنظرة امتنان صامتة ...لا سبيل للحديث والعجوز تتهافت عينيها على الغفوة ... اطمأنت على ابنتها ثم شعرت بقوة كبيرة من البكاء لا تناسب هدوء المكان وتلك النائمين .. تسللت للخارج دون ان يشعر أحد وكم احتاجت لأن تصرخ عاليا ... وتقل كل شيء مر عليها ... تذكرت عينيه التي القت عليها وابل من التهم ...هو لا يعرف أي شيء... لا يعرف حبيبها أي شيء ... قصدت الحديقة التي يبث فيها بعض الاضاءة من بعيد .... دلف وجيه لمكتبه في حركة سريعة ... ظن لبرهة أنه سيجدها ! ولا يعقل أن يبحث عليها بنفسه أو يرسل احد للبحث عنها! دخلت الممرضة التي كانت تحدثه أثناء وجود ليلى ...وبيدها هذه المرة عدة تقارير طبية.. قالت وهي تفحصهم _ التقارير اللي طلبتها مني جاهزة يا دكتور .....و .... قاطعها وجيه ببعض التردد في السؤال _ هي راحت فين ... أشارت الممرضة منى لما بيدها وقالت _ التقارير معايا أهيه يا دكتور...! زم وجيه شفتيه بنفاذ صبر من غبائها ...وقال متحكما بأعصابه _ مش التقارير...اللي اغمى عليها وكانت هنا ! قالت منى بعدما فهمت قصده _ راحت المسجد....صعبانة عليا والله .. الټفت وجيه كليا لها ..وتساءل بلهفة _ ليه !! ضمت الممرضة منى شفتيها في هزة خفيفة من رأسها دلالاه اليأس _ حالتها صعبة أوي..والدها عمل حاډثة وكان معاه طفلين وماتوا تقريبا ولادها....هو دخل في غيبوبة وربنا يستر عليه ....حالته ما تطمنش ...ده غير انها شكلها مالهاش حد .... أطرفت عينا وجيه بصمت دون أن يتفوه بكلمة.. ..فتابعت منى مستفيضة بما تعرفه عن ليلى _ كانت عايزة تكلم حضرتك عن مصاريف المستشفى...يعني بصراحة هي مش هتقدر تدفعها دلوقتي .... شرد وجيه بعض الشيء ....تعجب من الحالة التي وصلت إليها...ولكن ينتهي به الأمر لنفس النقطة...أين زوجها ! تساءل في وضوح هذه المرة _ هي لوحدها مافيش معاها حد ! أخ مثلا ...أو زوج كان يعرف أن ليس لديها أشقاء ذكور ولكنه راوغ بالسؤال... فأجابت الممرضة منى _ والله ما أعرف ..ما سألتهاش اغتاظ منها ... هل من بين ثرثرتها لن تعرف هذا الأمر بالذات ! ...عاد إلى مكتبه وجلس وهو يقول _ قولتيلي أنها عايزة تكلمني...ابعتيهالي...افهم منها الموضوع توجست الممرضة منى بقلق ...فهي من طرحت الأمر وليس ليلى ...لم تعتقد أنه سيسرع في التلبية بهذه السرعة! قالت بتلعثم _ خلاص ..بكرة الصبح هقولها.. هتف وجيه بتصميم وبعصبية _ دلوقتي ... كشرت الممرضة بغيظ وقالت _ يا دكتور تلاقيها نامت ! هو في حد يتناقش مع حد الساعة واحدة بليل ! نهض وجيه من مقعده بعصبية فأسرعت منى مبتعدة ..وقالت بموافقة وتراجع _ دقيقة وهتلاقيها عندك ... عاد لمقعده بنظرة ثابته....هو نفسه لأول مرة لا يعرف ماذا يفعل...ولو رأى غيره يفعل ذلك لكان انتقده وسخر منه... ولكنه هو الحب ...! احتمت ليلى أسفل سيقان شجرة كبيرة تمتد فروعها الطويلة ... بكت بكل ما تستطيع من قوة..بصقت بعض من قوة الصړاخ التي تسكنها ... لمحتها الممرضة وهي في طريقها للمسجد ....فاقتربت إليها قائلة بحماس _ كويس أني لقيتك بسرعة ....أنا قولت لدكتور وجيه أنك عايزة تكلميه على مصاريف المستشفى...وشكله وافق...وطلب تروحيله وتكلميه بنفسك وتشرحيله.. تجمدت ليلى في مكانها وهي تنظر پصدمة للممرضة...هذا ما كان ينقص ! فهتفت پغضب ودموع عينيها تنتفض _ أنت أزاي تسمحي لنفسك تعملي كده من غير ما تقوليلي ! أنا ما قولتلكيش تكلمي حد !! ولا عايزة مساعدة من حد ! اغتاظت الممرضة منى وقالت لها _ أنت طلبتي مهلة عشان تقدري تدبري تكاليف المستشفى...وأنا بحسن نية اتكلمت بدالك مع دكتور وجيه وهو شاف حالتك بنفسه ! أنا غلطانة يعني ! انتوا كلكم بتزعقولي ليه ! لا فائدة في المناقشة مع تلك الفتاة التي يبدو حقا أنها تصرفت بعفوية...استجمعت ليلى بعض من قوتها ثم احكمت حجابها وذهبت إليه ...ولكن هذه المرة بشكل أكثر قوة وقدرة على الوقوف أمامه... تحتمل أي شيء غير أنه يشفق عليها ...! كان يدق بقلمه على جسد المكتب في شرود حتى اقټحمت ليلى مكتبه .....رفع نظرته لها في ثبات... ثم ترك القلم ورجع بظهره للخلف على المقعد.... كان يبدو عليها الڠضب ...واضح جدا قال في هدوء تام اغضبها أكثر وهو ينظر لعينيها مباشرة _ اتفضلي اشرحيلي ظروفك..... رمته بنظرة عاتبة كانت مدتها ثانية
واحدة ثم هتفت پغضب _ أنا مش محتاجة مساعدتك...ولا عايزاك تساعدني...ومش
 

تم نسخ الرابط