حكاية جنه

موقع أيام نيوز

يا بشمهندس عمر شارى بنتى ياسمين 
الټفت عمر الى ياسمين الواقفة بجواره .. صمت .. طال صمته .. ثم قال بصوت خاڤت 
أيوة شاريها
قال عبد الحميد وهو ينظر الى الأعين المتعلقة به 
يبقى تجيبوا المأذون وتكتبوا الكتاب دلوقتى حالا 
نظرت اليه ياسمين بدهشة قائله 
بابا حضرتك بتقول ايه
صاحت ريهام 
بابا ازاى يعني .. وحضرتك تعبان كده 
سعل عبد الحميد بشدة .. أتت الممرضة وطلبت من الجميع الخروج .. شد عبد الحميد كفيه على كفى بداته قائلا بصوت خرج بصعوبة 
محدش هيخرج من هنا .. وانتوا لو بتحبونى وعايزين تريحوا قلبي هتنفذوا اللى أنا طلبته
الټفت الى عمر وكرم قائلا 
قولتوا ايه .. شاريين بناتى ولا لأ
قال كرم 
أكيد طبعا ومعنديش مانع أبدا انى أكتب الكتاب هنا لو ده هيريحك يا عم عبد الحميد
نظر عبد الحميد الى عمر منتظرا رأيه .. قال عمر بثقه 
وأنا كمان شاريها وشاريها أوى .. ومعنديش مانع انى أكتب عليها هنا .. دلوقتى
وقفت ياسمين تتابع ما يحدث وكأنها تمثال .. بدون أن تظهر أى تعبيرات على وجهها .. بدون أى رد فعل .. ذهبت ريهام بصحبة كرم و عمر لاحضار الأوراق المطلوبة والتى كان قد تم تحضيرها بالفعل .. وقفت ياسمين بجوار والدها .. كالتمثال .. عينيها تسبح فى فضاء الغرفة .. شعرت بأنه تفكيرها قد شل .. ومشاعرها قد تجمدت .. لم تشعر الا بشئ واحد .. كف والدها التى تمسك بيدها فى اصرار .. دخل الطبيب لفحص عبد الحميد مرة أخرى .. ثم نظر الى ياسمين بشئ من الأسف وخرج من الغرفة .. بعد ساعة حضر الجميع .. تابعت ياسمين ما يحدث بأعين لا ترى .. وبأذن لا تسمع .. تشعر بأنها ترى مشهدا مكررا .. شعرت بأنها عاشت هذا المشهد من قبل .. لكن أين .. ومتى .. وكيف .. أفاقت على كلمة واحدة نطق بها عمر 
قبلت زواجها
عندها تذكرت أين ومتى عاشت هذا المشهد .. انه هو نفس المشهد .. ونفس الإحساس .. ونفس نبضة قلبها الحزينه .. للمرة الثانية .. تتزوج برجل لا تريده .
بعد ساعتين خرج الطبيب من الغرفة ونظر للجميع بأسف قائلا البقاء لله.
الفصل السابع والثلاثون
خيم الحزن على المزرعة .. التى أصبحت مرتعا للأحزان ..

افتقدت الفتاتان أباهما بشدة .. ساعد الجميع فى اجراءات الچنازة والډفن .. ډفن فى القاهرة فى المقاپر التى دفنت فيها زوجته .. مرت الأيام على الفتاتان ببطء شديد .. وكأن عقارب الساعة

قد أصابها عطل ..فتوقفت أو كادت .. كانت كريمه تشفق على حالهما كثيرا .. كانت تزورهما فى غرفتهما .. التى أصرا على المكوث فيها .. وترسل لهما الطعام مع الخادمة كل يوم .. وقف كرم بجوار ريهام فى محنتها .. كان دائم الإتصال بها والإطمئنان على حالها .. أما عمر فلم تتوقف اتصالاته ل ياسمينالتى لم تجب على أى منها .. حتى أضطرت الى غلق هاتفها .. كان عمر يشعر بالحيرة .. لماذا انقلبت عليه فجأة .. هل هو التوتر الذى يسبق الزواج .. هل عادت الى مخافها مرة أخرى .. لماذا لا تعطيه وتعطى لنفسها فرصة .. هل تجربتها المريرة ستظل تقف حائلا بينهما .. كاد أن يجن من كثرة التفكير .. لم يجد حلا إلا فى التحدث مع والدته .. علها تريح قلبه .. قال عمر 
أنا بس نفسي أعرف ليه هى قالتلى كده .. كلمتها وجعتنى أوى .. عارفه يعني ايه حبيبتى ويم كتب كتابنا تقولى مش عايزاك .. وكده بدون أسباب
استمعت أمه الى حديثه كاملا .. وعن تفاصيل آخر لقاء له مع ياسمين صبيحة يوم كتب الكتاب .. ثم قالت فى هدوء 
بص يا عمر .. كتير بنات پتخاف لما الموضوع بيدخل فى الجد .. يعني پتخاف انها تكون اختارت غلط .. پتخاف انها لسه مش عارفه كويس الراجل اللى هى هتبقى مراته .. تعرف آخر مرة كانت ياسمين عندنا هنا .. قبل كتب الكتاب بيومين .. جت سيرة الماجستير والدكتوراه بتوعك .. لقيتها مندهشة .. يعني حتى مكنتش تعرف عنك المعلومة البسيطة دى .. هى فعلا يا عمر لسه البنت متعرفش حاجات كتير عنك .. وده أكيد مخوفها .. دى مخاۏف أى بنت عادية .. ما بالك بأه بواحدة مطلقة .. وكانت متجوزة واحد أستغفر الله زى طليقها ده راجل معندوش ضمير .. متخيل حجم المخاۏف اللي جواها عاملة ازاى .. خاصة ان والدها قال ان طليقها
ده مكنش باين عليه كل اللى عمله ده وكان باين عليه واحد محترم وابن ناس .. اللى عايزة أقوله ان رغم انى مش معاها فى انها تهرب زى ما بتهرب دايما .. ولازم تواجه كل اللى مخاوفها .. بس برده مقدرة ان البنت ممكن تكون مخاوفها سيطرت عليها لدرجة خلت تفكيرها يتشل .. لدرجة خلتها مترددة وبتفكر فى الحاجة ألف مرة .. وكتر التفكير بيفتح مجال للشيطان انه يدخل ويوسوس براحته 
تنهد عمر قائلا 
يعني أنا أعمل ايه دلوقتى 
بص يا حبيبى .. دلوقتى هى بتمر بحالة نفسية صعبة بسبب مۏت والدها .. وبسبب جوازها المفاجئ بعد ما جتلك وقالتك ان الجواز ملغى .. فكل اللى مطلبو منك هو انك تفضل جمبها فى أزمتها .. وتتحملها لحد ما تخرج منها .. على فكرة يا عمر الست بتقدر أوى الراجل اللى يقف جمبها وتحسن انه سند ليها .. الست لما بتلاقى راجل بيحبها وخاېف عليها وواقف جمبها حتى وقت الخلاف بينهم لازم ڠصب عنها تعشق التراب اللى بيمشى عليه .. ياسمين خلاص بأت مراتك .. وانت جوزها .. وكمان البنت ملهاش أى حد غير أختها الأصغر منها .. يعني انت كل عيلتها دلوقتى يا عمر 
أومأ عمر برأسه وقد شعر بالراحة للحديث مع أمه .. فقد أجابت على الأسئلة التى كانت تعتمل داخل عقله وقلبه .. قرر أن يقف بجوار حبيبته فى محنتها .. ولن يتخلى عنها أبدا .
حاول أن يتصل ب ياسمين مرة أخرى .. لكن هاتفها مازال مغلقا .. فخرج من منزله وتوجه الى غرفتها فى سكن العمال .. طرق الباب .. بعد فترة .. فتحت ريهام مرتدية اسدال الصلاة .. نظرت اليه بإستغربا .. فقال لها 
ازيك يا ريهام أخبارك ايه 
كويسه الحمد لله
ياسمين موجودة 
أومأت برأسا .. فقال 
طيب لو سمحتى قوليلها انى عايزها
دخلت ريهام .. دقيقتين وخرجت ياسمين مرتدية اسدال الصلاة هى الأخرى .. نظر اليها يملى عينيه برؤياها التى حرم منها لأيام .. كانت ضعيفة ذابله .. دامعة العينين .. رق قلبه لحالها .. اقترب منها قائلا بحنان 
حبيبتى انتى كويسه 
أومأت برأسها وتحاشت النظر اليه .. رفع يده ليمرر ظهر أصابعه على وجنتها قائلا 
أفله تليفونك ليه .. وليه مبترديش عليا
أبعدت وجهها عن أصابعه ..فسحب يده وظل ينظر اليها فى صمت .. وهى مازالت تتحاشا النظر الى وجهه .. طال الصمت بينهما .. نظر اليها قائلا 
ماشى هسيبك براحتك .. بس لو سمحتى افتحى تليفونك عشان لما أحب أطمن عليكي .. بدل ما كل شوية تلاقيني جايلك هنا .. أنا سبتك الكام يوم اللى فاتوا

برحتك .. بس قدرى انى قلقان عليكي وحابب أسمع صوتك وأطمن عليكي 
صمت برهه ثم قال 
ماشى يا ياسمين
أومأت برأسها .. فقال 
لو احتجتى حاجه كلمينى 
غادر عمر وعادت الى سريرها تلقى بنفسها عليه .. اعطت
ريهام ظهرها حتى لا ترى العبرات التى تتساقط من عينيها فى صمت .. سألت دموعها .. لماذا تسقطين يا دموعى .. أبسبب مۏت أبي .. الرجل الوحيد الذى أثق به فى هذه الدنيا .. أم تسقطين بسبب حالى وما يحدث لى .. كفى يا دموعى عن السقوط .. لم أعد أحتمل حرارتك على وجهى .. ألا تجفين أبدا .. لماذا تذكرينني دائما بطعمك المالح فى فمى .. أريد أن أنسى طعمك يا دموعى .. لماذا تذكريني بك دائما وتخرجين من عيناى بكل اصرار وكأنك تتحديني .. وكأنك تتعندين أن تؤلميني .. لماذا يا دموعى لا ترحميني ..!
اقتربت منها ريهام وجلست بجوارها على الفراش .. التفتت ياسمين اليها وجلست .. قالت ريهام بأسى 
وحشنى أوى يا ياسمين
اغرورقت عينا ياسمين بالدموع قائله 
وأنا كمان وحشنى أوى
ثم قالت 
عايزين نعمل صدقة جارية ليه
أومأت ريهام برأسها قائله 
زى ايه 
مش عارفه لسه بفكر .. بس عايزين نعمله أكتر من حاجه عشان ثوابه يكون أكبر
ثم تساقطت عبرة من عينيها وهى تقول بصوت مرتجف 
الانسان لما بېموت .. الحاجة الوحيدة اللى بيستمر ياخد عليها ثواب هى ان ولاده يدعوله ويعملوله صدقة جاريه .. وعايزين نعمل لماما كمان 
أومأت ريهام برأسها وأسندتها على كتف أختها قائله 
ماشى أنا هديكي كل الفلوس اللى أنا محوشاها من مرتبي وانتى شوفى هتعملى بيها ايه
قالت ياسمين 
لأ مش هاخدهم كلهم .. احنا لسه منعرفش احنا هنعيش ازاى .. خلاص كدة معاش بابا الله يرحمه اتقطع عننا لاننا اتجوزنا .. يعني ملناش أى مصدر رزق نعيش منه الا شغلنا هنا .. وأمورنا دلوقتى اتلخبطت
رفعت ريهام رأسها ونظرت اليها قائله 
ايه اللى هيحصل دلوقتى يا ياسمين .. أقصد بعد ما كل واحدة
فينا اتكتب كتابها .. وبعدين .. ايه اللى هيحصل .. طبعا الفرح لازم يتأجل .. بس هل هنفضل نشتغل عندهم زى ما احنا .. ولا لأ .. ولو مشتغلناش هنصرف على نفسنا منين
نظرت ياسمين الى ريهام قائله 
ربنا موجوده .. مش هيسبنا .. اطمنى يا ريهام .. ربنا قادر يبعتلنا الحل لكل مشاكلنا
فتحت ياسمين أحد الأدراج بجانبها وأخرجت مصحفا وفتحته وأسندت ظهرها الى الوسادة خلفها وبدأت فى القراءه .. رجعت ريهام بظهرها للخلف وأسندت رأسها على كتف أختها تستمع الى تلاوتها .
فى اليوم التالى .. خرجت ريهام من الحمام لتجد أختها ترتدى ملابسها فسألتها 
انتى خارجه 
قالت ياسمن شارحه 
أيوة .. هروح أشوف موضوع الصدقة الجارية اللى اتكلمنا عنه امبارح
آجى معاكى
لا يا حبيبتى مفيش داعى خليكي
خرجت ياسمين .. توجهت الى الطريق المؤدى للبوابة .. كان عمر يقف أمام البوابة يتحدث الى رجل داخل سيارته .. نظر الى ياسمين فتجاهلت نظراته .. أنهى عمر كلامه مع الرجل الذى انطلق بسيارته خارج المزرعة ثم توجه اليها يقطع طريقها قائلا 
ياسمين .. راحه فين
نظرت اليه .. يالله .. لكم تؤلمنى رؤيته .. وتذكرنى بكل ما أريد نسيانه .. أعاده سؤاله 
راحه فين يا ياسمين .. قالت بهدوء 
نازله المنصورة
تعملى ايه فى المنصورة
قالت بشئ من نفاذ الصبر 
هشترى شوية حاجات
قال وهو يهم بالإنصراف 
طيب ثوانى هجيب العربية وآجى
قالت بسرعة 
مفيش داعى ..

تم نسخ الرابط